وجه الإعراب و البناء فی الکلمات
المعرب و المبنی
من المسائل المرفوضة والمسلمة هی مسألة تحقیق الأصل فی کل مسألة، أی نراهم یقولون الأصل فی المبنی هو الحرف والأصل فی المعرب هو الإسم والأصل فی المرفوعات المبتدأ والخبر(على رأی ابن مالک) والأصل فی المنصوبات المفاعیل وغیر هذه الموارد مما لا یحصى و لا یخلو مسألة إلا وفیه اصل. هذه الأصول یؤثر فی المسائل وفی تحلیل المسائل. فإن قلنا الأصل فی المنصوبات المفاعیل، فلنصب سائر المنصوبات نحتاج إلى شبه بینها و بین واحد من المفاعیل، وفی المرفوعات إن قلنا الأصل هو المبتدأ والخبر فلرفع سائر المرفوعات نحتاج إلى الشبه. و فی هذه المسألة أیضا إن قلنا الأصل فی البناء هو الحرف فنحتاج لبناء غیره لبیان وجه شبه بینهما.
ولکن نقول هذا الطریق خطأ بیّن لأن الحرف مثلا صار مبنیا لعلة و لا یلزم منه أن یکون الحرف أصلا فی البناء فنحتاج لبناء غیره إلى شبه بینه و بین الحرف، وبعبارة أخرى الأصل فی الحرف هو البناء ولا یلزم منه أن یکون الأصل فی البناء هو الحروف. فلنا أن نعلل لبناء کل شیء مستقلا عن غیره.
و عندنا الوجه فی بناء الحرف عدم قبول الوظائف المختلفة فی الکلام لأنه آلة لإیجاد معنى فی غیره. والأفعال الإنشائیة مبنیة لعدم اقتضاء المعنى الانشائی الوظائف المختلفة فی الکلام أی لعدم صلاحیته لأنه معنى ایجادی لا وجودی حتى یبین على وجوه مختلفة. وبین الأفعال الإخباری، فعل الماضی مبنی أیضا لأن الغرض لم یتعلق ببیان المعانى المختلفة بالماضی (بالتفصیل الموکول إلى محله). و فعل المضارع معرب لأن معناه للاستقبال فتعلق الغرض ببیان الحالات المختلفة به فصار معربا حتى یفصل بین الأغراض. والإسم معرب لأنه دال على الذات والغرض یتعلق کثیرا على بیان الحالات المختلفة للذات.
إن قلت: على هذا إن الحالات للحروف أیضا کثیرا، کما نرى أن الباء یکون فی موضع السبب أو فی موضع المفعول، أو فی موضع الظرفیة و غیره، فالمعانی المختلفة فی الحروف أیضا یستدعی کونه معربا
قلت: ما یتححق فی الحروف هو اختلاف معناهم لا أختلاف حالاتهم وحالة الحرف واحدة وهی ایجاد التعلق للفعل فی غیره، وهذه حالة واحدة لا یقتضی الإعراب، وإلا یقتضی کلمة (العین) للدلالة على کل من معانیه إلى الإعراب وهذا بطلانه واضح. فافهم!